استعاد السودان الجمعة السيطرة على منطقة هجليج الحدودية المتنازع عليها
اثر معارك عنيفة، فيما تحدثت دولة جنوب السودان عن انسحاب طوعي تحت ضغط
دولي.واعلن وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين في الخرطوم
ان "قواتنا تمكنت من تحرير مدينة هجليج بالقوة واستعادتها في الساعة 14,20
(11,20 ت غ) اليوم".
وقبل ساعتين من ذلك، اعلن رئيس جنوب السودان
سالفا كير انه اصدر الامر لجيشه بالانسحاب على الفور من منطقة هجليج التي
سيطر عليها في العاشر من نيسان/ابريل الحالي مما وضع البلدين على شفير
الحرب.
لكن كير اكد في بيان قرأه متحدث باسم الحكومة في جوبا ان
الانسحاب تقرر استجابة لنداءات مجلس الامن الدولي وعدد من مسؤولي المجتمع
الدولي وكذلك لاشاعة "اجواء تسهم في استئناف الحوار مع السودان".
في
المقابل، اعتبر الرئيس السوداني عمر البشير الجمعة امام تجمع في الخرطوم
احتفاء باعادة السيطرة على منطقة هجليج النفطية، ان قواته هزمت جيش جنوب
السودان.
وقال البشير مرتديا الزي العسكري امام الاف من انصاره
تجمعوا امام مقر رئاسة اركان الجيش في العاصمة السودانية "ليس هناك انسحاب،
نحن ضربناهم عنوة وقوة، هم بدأوا القتال ونحن الذين نعلن متى ينتهي القتال
والزحف لن يقف. الحرب بدأت ولن تنتهي".
واشارت شهادات جمعتها وكالة
فرانس برس في بنتيو في اراضي جنوب السودان الى ان المعارك كانت متواصلة
صباح الجمعة في هجليج التي تبعد نحو ستين كلم وان العديد من جنود جنوب
السودان عادوا جرحى من الجبهة.
وقال المتحدث باسم حكومة جنوب السودان
برنابا ماريال بنجامين وهو يقرأ البيان الرئاسي امام الصحافيين الجمعة ان
"جمهورية جنوب السودان تعلن ان قوات الجيش السوداني الجنوبي تلقت الامر
بالانسحاب" من هجليج، مضيفا ان "انسحابا منظما سيبدأ على الفور وسيكتمل في
الايام الثلاثة" المقبلة.
واكد كير مع ذلك انه لا يزال يعتبر هجليج جزءا لا يتجزأ من اراضي جنوب السودان.
وكان الرئيس السوداني عمر البشير توعد من جانبه الخميس بتلقين جنوب السودان درسا "بالقوة" بسبب احتلال قواته منطقة هجليج النفطية.
وتعتبر
منطقة هجليج الحدودية التي يطالب بها الجانبان استراتيجية بامتياز وهي
تؤمن حتى الاشتباكات الاخيرة نصف الانتاج النفطي للشمال.
وقد كثفت
الولايات المتحدة والاتحاد الافريقي والامم المتحدة والمجتمع الدولي في
الايام الاخيرة الدعوات الى انسحاب قوات جنوب السودان كما دعت الطرفان الى
ضبط النفس بغية تجنب حرب جديدة.
وكان الامين العام للامم المتحدة بان
كي مون اعتبر الخميس استيلاء جوبا على هجليج "غير شرعي". وطلب في الوقت
نفسه من السودان "التوقف فورا عن قصف" جنوب السودان والانسحاب من مناطق
اخرى يتنازع على سيادتها مثل منطقة ابيي.
وقبل اتفاقات السلام في
العام 2005 التي ادت الى تقسيم السودان في تموز/يوليو الماضي، استمرت الحرب
الاهلية بين الشمال والجنوب عقودا من الزمن، واسفرت الموجة الاخيرة من
النزاع من 1983 الى 2005 عن سقوط مليوني قتيل على الاقل.
لكن التوترات بين جوبا والخرطوم مستمرة بسبب مواضيع خلافية عدة عالقة منذ اعلان استقلال جنوب السودان.
وتشمل
هذه الخلافات خصوصا ترسيم الحدود وتقاسم الموارد النفطية السودانية قبل
التقسيم --جوبا ورثت ثلاثة ارباع الاحتياطات لكنها تعتمد كليا على البنى
التحتية في الشمال للتصدير--. وتتبادل العاصمتان ايضا الاتهامات بمساعدة
المتمردين على اراضيهما.
ومنذ ايام عدة كادت المواجهات بين الجيشين تمتد على طول الحدود المشتركة.
واذا
كان المجتمع الدولي يخشى حربا جديدة بين الدولتين المتجاورتين، فان بعثة
السلام المشتركة من الاتحاد الافريقي والامم المتحدة في دارفور تتخوف ايضا
من استغلال المواجهات بين الشمال والجنوب من قبل متمردين في دارفور.
وقال
رئيس البعثة ابراهيم غمبري في بيان "في اطار التوتر المستمر بين السودان
وجنوب السودان اشعر بقلق كبير لان الحركات المسلحة تسعى الى زعزعة
الاستقرار في دارفور".
واكدت مجموعة سودانية متمردة لوكالة فرانس برس
الجمعة انها قتلت 79 من افراد الجيش السوداني وعناصر القوات شبه العسكرية
في كمينين في ولاية النيل الازرق المجاورة لجنوب السودان والتي تشهد معارك
عنيفة منذ ايلول/سبتمبر.
وقال ارنو نغوتولو لودي الناطق باسم الجيش
الشعبي لتحرير السودان-شمال ان الجنود وافراد الميليشيا ال79 قتلوا في
كمينين نصبا الثلاثاء والاربعاء في منطقة تبعد نحو 35 كلم عن الدمازين
عاصمة النيل الازرق.
واشار لودي الى تجدد المعارك في النيل الازرق
منذ العاشر من نيسان/ابريل عندما استولت قوات جنوب السودان على منطقة هجليج
الواقعة في ولاية جنوب كردفان المجاورة حيث توجد بئر نفطية ضخمة. وشنت
القوات السودانية من جانبها غارات جوية على جنوب السودان.
وفي بانغي،
افادت مصادر متطابقة وكالة فرانس برس ان احد عشر عنصرا من جنود افريقيا
الوسطى المشاركين في مهمة في السودان في اطار القوة الثلاثية
(السودان-تشاد-افريقيا الوسطى) لمراقبة حدود الدول الثلاث، قتلوا الاربعاء
في اطلاق قذائف.
وقال مصدر حكومي في بانغي لوكالة فرانس برس طالبا
عدم كشف اسمه "سقط 11 قتيلا و9 جرحى في صفوف (جنود) افريقيا الوسطى.
واستهدف الهجوم قيادة القوة الثلاثية المتمركزة في السودان في منطقة ام
دافوك (الحدود الثلاثية)، ونسب الهجوم الى "متمردين جاؤوا من جنوب
السودان".